شيــزوفرينيا !

  
أحيانــــاً تدُل أفعالنا على ما تُكنه صدورنا أبلغ من اقوالنا ،فكم من شخص إنقلبت عدواته لك محبةً خالصة وإتتقل من خانة العدو المُبغض للصديق الوفي بسبب فعل دل حسن خلقك ..
فعندما تقوم بنصح وتوجيه من أمامك بتوجيه نظري،  حاول بقدر الإمكان ربطه بمقترح عملي ،فسعيك لتحقيق ذلك سوف يجعلك تلغي الكثيرمن طرحك النظري الذي لن تجد له رصيداًعلى أرض الواقع!
وإنْ صح أن أطلق على ما ذكرت آنفا (إتباع العلم العمل) ،فقد كان هذا ديدن السلف ،فلا يأمرون بمعروف إلا ويكونون أول الفاعلين ولا ينهون عن منكر إلا وهم أول المنتهين ،متبعين في ذلك قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أيهَا الَّذينَ أمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعلُونَ*كَبُرَ مَقْتاً عنْدَ اللهِ أَنْ تقُولوا مَا لَا تَفْعلُونَ  وقوله تعالى : ﴿أَتأمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفَسَكُم وَأنتُمْ تَتلُونَ الكِتَابَ أفَلا تَعْقِلُونَ ومقتدين في ذلك بقدوتهم الرسول ﷺ وخلفائه الراشدين ،والأدلة على ذلك مبسوطة في كتب الحديث والأثار ..

لكن وللإسف فطاعون الإنتكاسـة لازم الأمة الإسلامية حتى في أخلاقــها ،فنجد المسلمين يعيشون الفصام النتن بين قناعاتهم  الدينية من أخلاق وعقائد وغيرها ،وبين تطبيقها على أرض الواقـع ،فنتج ما نراه اليوم :أمة تائهة حائرة هائـمة على وجهها إلا من رحِـم ربُّك منها..
يقول ابن القيّم-رحمه الله- عن أخلاق وسلوكيات السلف: ( لما رأي النصارى الصحابة وما هم عليه: آمن أكثرهم إختياراً وطوعاً وقالوا:ما الذين صحبوا المسيح بأفضل من هؤلاء! ،ولقد دعونا-نحن وغيرنا-كثيراً من أهل الكتاب الى الإسلام فأخبروا أن المانع لهم ما يرون عليه المنتسبين الى الإسلام -ممن يُعظّمهم الجُهّال- من البدع والظلم والفجور والمكر والاحتيال ،ونسبة ذلك الى الشرع ولمن جاء به فساء ظنهم بالشرع وبمن جاء به ،فالله طليبُ قُطّاع الطرق وحسيبهم )

وهذا والله ما نراه اليوم في حال كثير من المنتسبين للإسلام ،من فساد في العقائد،و إنحراف في المناهج ،وسوء في الأخلاق ،الأمر الذي نفّر كثير من غير المسلمين من الإسلام ،ولسان حالهم يقول :كيف يدعوننا الى التوحيد وفيهم من يعبد القبور والصالحين؟!، وكيف يدعوننا للتوحد وهم شيع وأحزاب متناحرة متباغضة؟! ،وكيف يدعوننا لمكارم الاخلاق ونحن نرى فيهم الزنا والتبرج والعري والكذب والرشوة وخيانة الامانة والظلم وسفك الدماء؟! فإن كانوا مؤمنين بإلاسلام لرأينا تطبيقهم له..
ولمّا إدعيتُ الحب قالت كذبتني
ألستُ أرى الأعضاء منك كواسياً

فالأن وقلت علمت -وفقني الله واياك لطاعته- خطورة الفصام بين العلم و العمل ،وعلمت صده عن دعوة التوحيد ومنهاج النبوة ،فإذا فلتتبع العلم العمل طاعةً لربك وإتباعاً لرسولك و رغبةً في إستعادة عزك ومجدك ،و أختم بموقف حدث لي قبل يومين، فقد صافحت فضيلة الشيخ عبدالرزاق البدر-حفظه الله- فما نزع يده حتى كنت أنا الذي نزعت فعلمت أنّ الرجل صاحب سُنّة وقلت في نفسي الحمدلله الذي أراني منك ما كنت انتظر..