تروُي إﺳطورة (حصان طروادة ) حِصار ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ
لمدينة طروادة دام عشر سنوات، ﻓﺎﺑﺘﺪع ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﺣﻴﻠﺔ
ﺟﺪﻳﺪة تتمثل في صُنع ﺣﺼﺎن خشبي ضخم ﺃﺟﻮف تم ملؤوه
ﺑﺎﻟﻤﺤﺎرﺑﻴﻦ ، ﺃﻣﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺠﻴﺶ
ﻓﻈﻬﺮ ﻛﺄﻧﻪ ﺭﺣﻞ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ
ﻛﺎن ﻳﺨﺘﺒﺊ قريباً من المدينة ، ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻄرواديون
ﺍﻟﺤﺼﺎن
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ
ﻋﺮض ﺳﻼم بعدما ﻗﺎم ﺟﺎﺳﻮس ﺇﻏﺮﻳﻘﻲ ﺑﺈﻗﻨﺎعهم
ﺑﺄنَّ ﺍﻟﺤﺼﺎن
ﻫﺪﻳﺔ، ﻓﺄﻣﺮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﺈدﺧﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻓﻲ ﺍﺣﺘﻔﺎل
ﻛﺒﻴﺮ !
ﺍﺣﺘﻔﻞ
ﺍﻟﻄﺮواديون
ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ
و ﺍﺑﺘﻬﺠﻮﺍ،
و عندما حل الليل ﻛﺎن ﺍﻟﺴﻜﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻜﺮ،فخرج المحاربون الإغريق
من الحصـان وفتحوا ﺑﻮﺍﺑﺎت ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻟﻠﺴﻤﺎح ﻟﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺠــﻴـﺶ
ﺑﺪﺧﻮﻟﻬــﺎ، ﻓﻨﻬﺒﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻼ ﺭﺣـﻤﺔ،
و ﻗﺘﻞ ﻛﻞ ﺍﻟﺮﺟـﺎﻝ،
و ﺃﺧـﺬ
ﻛــﻞ ﺍﻟﻨـﺴﺎء
و ﺍﻷﻃـﻔﺎل
ﻛﻌـﺒﻴﺪ ..
وقد إستفاد أهل الغرب من هذه الحيلة وطبقوا مع الدول العربية ما طبقه
الإغريق مع أهل طروادة! ، فكما هو معلوم دأبت الدول التي إستعمرت العالم
العربي على أخذ خيرة شباب الدول المُستعمَرة وإرسالهم كمبتعثين إلى وكر التنين
=إلى الغرب ، وهناك كان يتم إشباعهم وتلويثهم بكل ما فاسد من الأفكار ومنحرف من
المناهج وباطل من العقائد ، وفي الوقت الذي تنتظر فيه البلدان المغلوبة على أمرها
فلذات أكبادها بفارغ الصبر ،تتفأجأ بتغرﻳﺒﻴﻴﻦ ﻳﻠﻬﺜﻮن وراء ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻐﺮب
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺿﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜم
و الأخلاق و غير ذﻟﻚ ..
و ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻄﺎف
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ
لشبابنا ﺍﺑﺘﻌﺎﺛﻬﻢ
ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺔ
ﻓﻲ ﺑﻼد الغرب و ﻏﻴﺮﻫﺎ؛ ﻓﺘﺘﻠﻮث ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ
و ﺗﻔﺴﺪ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ
ﺇﻻ
ﻣﻦ ﺷﺎء ﺍﻟﻠﻪ
.. فشاب تنحصر ثقافته في ماركات الجوالات وأخبار الرياضة والغناء وفجأة يقرأ لماركس
أو نيتشه.. لا تتعجب من انحرافه!
لكن هل هُناك دليل على اختطاف عقول المبتعثين ام هي مجرد دعاوى!
لنقرأ كلام رجل منهم ، يقول زعيم الفلسفة الوجودية الفرنسي جان بول سارتر : كنا
نحضر رؤساء القبائل وأولاد الأشراف الأثرياء والسادة من إفريقيا وأسيا ونطوف بهم
بضعة أيام في أمستردام ولندن والنرويج وبلجيكا وباريس ، فتتغير ملابسهم ويلتقطون
بعض أنماط العلاقات الإجتماعية الجديدة ،ويتعلمون منا طريقة جديدة في الرواح
والغدو ،ويتعلمون لغاتنا وأساليب رقصنا ،و ركوب عرباتنا وكنا ندبّر لبعضهم أحيانا
زيجات أوربية ثم نلقنهم أسلوب الحياة الغربية ،كنا نضع في أعماق قلوبهم الرغبة في
أوربا ، ثم نرسلهم إلى بلادهم... وأي بلاد؟ بلاد كانت أبوابها مغلقة دائما في
وجوهنا ولم نكن نجد منفذا إليها ، كنا بالنسبة إليهم رجساً ونجساً ، لكن منذ أن
أرسلنا المفكرين الذين صنعناهم إلى بلادهم ، كنا نصيح من أمستردام أو برلين أو
باريس : الإخاء البشري فيرتد ربع أصواتنا من أقاصي إفريقيا ، أو الشرق الأوسط أو
شمال إفريقيا كنا نقول لهم: ليحل المذهب الإنساني ،أو دين الأنسانية محل
الأديان المختلفة وكانوا يرددون أصواتنا من أفواههم وحين نصمت يصمتون
..
من اكابر التغريبيين ودعاة الليبرالية في عصرنا المدعو رفاعة
الطهطاوي والذي ﺃرﺳﻠﺘﻪ الحكومة المصرية ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ
ﺇﻣﺎﻣًﺎ
ﻟﻠﺼﻼة و ﺍﻟﻮﻋﻆ
ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ
إلى فرنسا، و ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮل و ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ
جهوده ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ
.. و لما ﺍلطهطاوﻱ
ﺇﻟﻰ
مصر عمل على بث ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ
ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ
ﺑﻴﻦ الطلاب ﺑإﺳﻢ (ﺍﻟﻌﻠﻢ) و (ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ)
وتشويه صورة الإسلام..
تحدث الطهطاوي عن إﻋﺠﺎﺑﻪ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ
ﺑﺰﻳﻒ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ
ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ،
ﻓمثلاً ﻴﻘﻮﻝ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺗﺨﻠﻴﺺ ﺍﻹﺑﺮﻳﺰ ﻓﻲ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺑﺎرﻳﺰ" ﻓﻲ وﺻﻔﻪ
ﻟﺤﺎل ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺺ
ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ - و كما قال د.راغب السرجاني "ﻻ أدري ﻣﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻮﺍﻋﻆ
و ﺍﻹﻣﺎم
ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ﻓﻲ دخول ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ: ﻓﺎﻟﺮﻗﺺ
ﻓﻲ ﺑﺎﺭﻳﺲ
دﺍﺋﻤًﺎ
ﻏﻴﺮ ﺧﺎﺭج
ﻋﻦ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ
ﺍﻟﺤﻴﺎء،
ﺑﺨﻼف ﺍﻟﺮﻗﺺ
ﻓﻲ ﺃﺭض
ﻣﺼﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎت ﺍﻟﻨﺴﺎء؛ ﻷﻧﻪ
ﻟﺘﻬﻴﻴﺞ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍ، ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ
ﻳُﺸﻢ ﻣﻨﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔ
ﺍﻟﻌﻬﺮ
ﺃﺑﺪًﺍ! و ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎن ﻳﻌﺰم ﺍﻣﺮﺃة ﻳﺮﻗﺺ ﻣﻌﻬﺎ،
ﻓﺈﺫﺍ
ﻓﺮغ ﺍﻟﺮﻗﺺ
ﻋﺰﻣﻬﺎ ﺁﺧﺮ
ﻟﻠﺮﻗﺼﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
و ﻫﻜﺬﺍ، و ﺳﻮﺍء ﺃﻛﺎن ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ
ﺃو
ﻻ، و تفرح ﺍﻟﻨﺴﺎء
ﺑﻜﺜﺮة ﺍﻟﺮﺍﻏﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻗﺺ ﻣﻌﻬﻦ،
ﺛﻢ ﻳﺴﻬﺐ ﻓﻲ وﺻﻒ ﻧﻮع ﺍﻟﺮﻗﺼﺎت و
ﺷﻜﻠﻬﺎ، ﻓﻴﻘﻮل: و ﻗﺪ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻗﺺ ﺭﻗﺼﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ؛
ﺑﺄنْ ﻳﺮﻗﺺ ﺍﻹﻧﺴﺎن
و ﻳﺪﻩ ﻓﻲ ﺧﺎﺻﺮة ﻣﻦ ﺗﺮﻗﺺ ﻣﻌﻪ، و ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷوقات ﻳﻤﺴﻜﻬﺎ
ﺑﻴﺪﻩ ، و الله
المُستعان ..
ولكن لا بد من الإعتراف بفضل كثير من الطلاب المبتعثين في نهضة
بلادهم ونشر دين الإسلام من خلال جميل صفاتهم وحسن أخلاقهم فأسأل الله أنْ يجزيهم
عن الأمة كل خير ..