خلاصة حُكم الإسبال

  أولاً: من صفات المؤمنين حقاً طاعة الله في جميع ما أمر ، وإجتناب ما نهى عنه و زجر ، وطاعة رسوله ﷺ من طاعة  الله قال تعالى : ﴿فَلَا وَ ربَّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حتَّى يُحكَّمُوكَ فيمَا شَجَرَ بيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أنْفُسهِمْ حَرَجاً مَّما قضَيْتَ ويُسَلَّمُواْ تَسْليماً ، وقال :﴿وَمَا كَانَ لمُؤمِن وَلا مُؤمِنةٍ إذَا قضَى اللهُ وَ رَسُولُهُ أمْراً أنْ يَكَونَ لَهُمُ الْخِيرَة مِنْ أمْرِهم ومَنْ يعْص اللهَ وَرسُوله فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً   ، وقال ﷺ  “: كــل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيــل:يا رسول الله من يأبى؟قال: من أطاعنــــي دخل الجنة ، ومن عصـاني فــقد أبى]  “رواه البخاري، فالمقصود -رحمني الله وإيّاك- إمتثال الأمر الشرعي من الله ومن الرسول ﷺ حتى نفوز برضوان الله وجنته ..



ثانياً: النبي ﷺ أراد لنا الخصوصية الثقافية والمظهرية ، فنهانا عن لبس لباس الكفار والتشبه بهم ، وبيّن لنا الشرع صفة لباس المسلم وذلك في الآيات والأحاديث النبوية ..
ثالثاً: مما نهانا عنه النبي ﷺ إسبال الثياب أي تطويلها بحيث تبلغ أسفل الكعبين ، فقد ثبت في حد القدر المستحب فيما بنزل إليه طرف الإزار (البنطال) ثلاث سنن عن النبي ﷺ :

الحد الأول : إلى أنصاف الساقين
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : "كانت إزرة النبي ﷺ إلى أنصاف ساقيه" رواه الترمذي في الشمائل وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال:"رأيت رسول الله ﷺ وعليه حلة حمراء ، كأني أنظر إلى بريق ساقيه" [متفق عليه] وثابت من قوله ﷺ : "إزرة المؤمن إلى نصف ساقيه]رواه مسلم وأحمد[
وثابت من أمره ﷺ لإبن عمر برفع إزاره حتى بلغ أنصاف الساقين رواه أحمد ، وأمر به رجلاً من الأنصار و أخر من ثقيف] مسند الإمام أحمد[
وثابت من تأسي الصحابة بالنبي ﷺ ومنهم :زيد بن أرقم وأسامة بن زيد والبراء بن عازب ]مجمع الزوائد 5/126[
وكان ابن عمر يتحرى ذلك في إزاره كما قي صحيح مسلم وكان أيضاً: أشد الصحابة رضي الله عنهم تشميراً كما في ]المسند[

الحد الثاني: إلى عضلة الساق
ثابت من حديث أبي هريرة رضي الله قال:قال ﷺ :"إزرة المؤمن إلى عضلة ساقية ،ثم إلى نصف ساقيه ،ثم إلى الكعبين فما كان أسفل من ذلك فهو في النَّار]رواه أحمد وأبو عوانة    [و من حديث حذيفة رضي الله عنه قال :"أخذ رسول الله ﷺ بعضلة ساقي أو ساقه-هكذا قال إسحاق- فقال:"هذا موضع الإزار فإن أبيت فهذا-و طأطأ قبضة- فإن أبيت فهذا -و طأطأ قبضة- فإن أبيت فلا حق للإزار في الكعبين"
 ] رواه أحمد وأصحاب السنن سوى أبوداؤود[

الحد الثالث: ما تحت نصف الساقين إلى الكعبين
ثبت جوازه في السنن ،وأجمع على جوازه المسلمون بلا كراهة لحديث العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه قال:سألت أبا سعيد الخدري عن الإزار فقال:على الخبير سقطت،قال رسول الله ﷺ:"إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج،أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين] رواه أحمد وابن ماجة[
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسوب الله ﷺ قال:"الإزار إلى نصف الساق " فلما رأى شدة ذلك على المسلمين قال:"إلى الكعبين ، لا خير فيما أسفل من ذلك] رواه أحمد بسند صحيح[

أما (القميص) أو (الثوب) أو (الجلابية) فنصيبه منها السّنة الثالثة وهي: من تحت نصف الساق إلى الكعبين ..
وذلك لأن الثوب إذا كان إلى أنصاف الساقين أو إلى عضلة الساق فإنه مظنة قوية لإنكشاف العورة -خاصة في الصلاة- ، ولو إنكشفت عورة شخص وهو يصلي لبطلت صلاته ، كما يحرم كشفها أمام الأخرين ، وأيضاً لبعده عن النجاسة والزهو والإعجاب ..

إستثناء النساء:
رخَّص النبي  ﷺ لهن بإرخاء ذيول ثيابهن شبـــراً استحبابا لستر القدمين ، وهما من عورة النساء فإن كانتا تنكشفان فيرخين ذراعاً جوازا وهذا محل إجماع.. وجر المرأة ذيل ثيابها لستر أقدامها كان معروفاً عند نســاء العرب ، ومنه قول عبدالرحمن بن حسان بن ثابت:
كُتـبَ القتـــل والقتــال عليـنا
وعلى المُحصناتٍ جرُّ الذيول

- أحاديث النهي عن الإسبال بلغت مبلغ التواتر المعنوي في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها برواية جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- ومنهم : العبادلة ابن عمر ،وابن مسعود ،وابن عبّاس ، وأبو هريرة ،وأنس ، أبوذر، و عائشة ،و وهيب بن مغفل الأنصاري ،وأبو سعيد الخدري ،وحذيفة بن اليمان ،والمغيرة بن شعبة ،وسمرة بن جندب ،وسفيان بن سهل ،وأبو امامة ،وعبيد بن خالد ،وابو جرير الهجيمي جابر بن سليم ،وابن الحنظلية ،وعمرو بن الشريد ،وعمرو بن زرارة ،وعمر بن فلان الأنصاري ،وخزيم بن فاتك الأسدي رضي الله عنهم جميعا ،وهي تفيد النهي الصريح نهي تحريم لما فيه من الوعيد الشديد ..

رابعاً: من الحكمة قي تقصير الثياب
  -1 مخالفة للسنة ..
  -2 إرتكاب النهي ..
  -3 الإسراف وهذا ضياع لتدبير المال ،ولهذا أمر عمر رضي الله عنه ابن أخيه برفع إزاره وقال له :"هو أبقى لثوبك وأتقى لربّك"
  -4 المخيلة والخيلاء والتبختر وهذا ضياع مضر بالدين ..
  - 5التشبه بالنساء ..
  -6 تعريض الملبوس للنجاسة والقذر ، وهو مخالف لقول تعالى ﴿و ثيابك فطّهر أي فثيابك شمّر وقصّر وهو احد الاقوال الثمانية في تفسير هذه الآية ، قال إمرئ القيس:
ثياب بني عوف طهارى نقيةً
وأوجههم بيض المسافر غُرَّان
  -7 أمر النبي المسبل بإعادة الوضوء وأن الله لا يقبل صلاة مسبل ، مع حمل الفقهاء الحديث على الإثم مع صحة الصلاة (خلافاً لابن حزم والامام احمد بن حنبل )  ..
  -8 يُعرُّض المُسبل نفسه للوعيد الشديد في الدنيا والأخرة ، إذ يكسبه الإثم والخسف ، وأنّ الله لا يحبُ المسبلين ، ولا ينظر إلى مسبل..

خامساً : تكمــيش (تقصير) ﻹ‌ﺯﺍﺭ ﻟﻰ ﻧﺼﻒ ﻟﺴﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻌﺮ ﺗﻤــــــــــــﺪُ ﻓﺎﻋﻠﻪ، ﺛﻢ ﺟﺎ ﻟﻠﻪ ﺑﺎﻹ‌ﺳﻼ‌ ﻓﺴُّﻨﻪ ﻟﻨﺒﻲ ﷺ ، ﻗﺎ ﺩﺭﻳﺪ ﺑﻦ ﻟﺼﻤﺔ ﻳﺮﺛﻲ ﺧﺎﻩ ﻳﻤﺪﺣﻪ:

ﻗﻠﻴﻞُ ﻟﺘﺸﻜﻲ ﻟﻠﻤﺼﻴﺒﺎت ﺣﺎﻓِﻆ
ﻣﻊ ﻟﻴﻮم دبار ﻷ‌ﺣﺎدﻳﺚ ﻓﻲ ﻏﺪٍ
ﻛﻤﻴﺶ لإزار خارجُ ﻧﺼﻒُ ﺳﺎﻗﻪ
ﺻﺒورُ ﻋﻠﻰ ﻟﻀّراء طلَّاع ﻧﺠﺪ
ﺻﺒﺎ ﻣﺎ ﺻﺒﺎ ﺣﺘﻰ إذا ﺷاب رأسه
و أحدثَ ﺣﻠﻤﺎً ﻗال ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ أبعد
]                                                      ﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻻ‌ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻟﺒﺮ 226/20[


ومنه قول متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك بن نويرة:
تراهُ كنصل السيف يهتُز للندى
وليس على الكعبين من ثوبه فضْل

هذا والله أعلم ..
========================================================================